عندما يدخن صنم الألاعيب "غليونه"/ عبد العالي غالي

ها قد أتاحت له إطلالة الربيع فرصة التسلل إلى الهيكل في غفوة من حراسه؟ ليس له الآن إلا أن يقتات ملح تراب السلطة ويعب من بحر الامبريالية عبا، ليملأ شبقه نظرا في تماثيل كل الغواني المستلقية على أجنحة اله الحب والجمال...

كل القصد كان أن يستكشف الأغوار، ويتنسم أريج الوجدان الموبوء بنسمة الحياة لكنه أخطأ القصد فسار سهمه في غير مجراه... من الهبة الكبرى إلى الصفعة الأكبر، ومن الطعنة إلى اللعنة، وكل التماثيل ما تزال شامخة لا تهزها العواصف، تقف مسربلة في ثوب حريري، تملأه غمزا وهمسا ولمسا، كأنما هي المتحرشة بما بقي فيه من رجولة ما بعد الخصي.

أيا طائر النورس أهو السطح مداك وان طال الريش وثقب النظر، أم تراك فهمت كما لم يفهم الفاهمون أن اسعد الخلق ما زحف، فحتى الدبيب صار يزعج الأرض فتجهض، وخير من بعض الدواء الداء.

فتح الباب على مصراعيه وانبسط السجاد الأحمر أمام الأقدام الحافية، فتبين أن الوثب غير الوثب وألا مجال للمشتاق إذا فاق غير كثير رقص وغريب هلوسة. مع كل خطوة يزداد الرشد بعدا ويزداد هو تشبثا بغباء الصبا، ولأن بقية من وعي مازالت تنضح في أعلى الجسد المتهاوي، فلا عجب إن سمعناه يسِمُ الصبا بالبراءة و جميل الأوصاف... وحده في صومعته بقي متشبثا بسورة عبس، يقرأها ويحاول ربطها بكثير أسفار وإصحاحات مما علق في ذهنه من الكتاب المقدس، ووحده لم يتساءل أين اختفت الم نشرح لك صدرك.

فلنترك له الكلمة الآن وهو يتأمل الأضواء في ظلمات شوارع باريس ولياليها المخيفة، اسمه تلفان، فليكن ستارا يقيه خطر الانتقام، يتذكر وفي ذكرياته أشياء تتكرر كل يوم والى اليوم، يتذكر عندما صعد عمارة سكنية، قرع الباب هل أنت برهان؟ الجواب نعم، ودون سؤال آخر طلقة نار خر على إثرها الجسد الواقف بالباب، فانسحبت الفرقة تاركة الجثة لبكاء الأطفال. يتذكر عندما لقي احد رفاقه وقد صار قائدا لكتيبة أحد الصحابة المنضوين قهرا في جيش سوريا الحر، ثقل السنين أنساهم انتماءاتهم المتعارضة وأبعدهم إلى عناق حار آلاف الكيلوميترات بعيدا عن قصر الحكم.

جلسة شاي في مقهى مغمور، ثم سرد لشريط أحداث دفعت بكل ارثه التاريخي نحو مجاري المياه. وعود اردوغانية وأموال تستخرج من زيت الغاز، أعفت ما تحت جمجمته من أدواره الطبيعية. هو اليوم يعلم حقا انه لولا الجبن لكان سيد المنتحرين، ولمسح بذلك عن جسده كل العار الذي سيبقى رديفه ما بقي في عمره من سنين. فقد باعه الأمير المتلاف ببخس... محطم يمشي الهوينا تحت قوس النصر فلا يرى منه غير ما تخفيه أشجار الأرز الشامخة عن أشعة الشمس. ومع الأصيل تتراءى لعينيه كل أشباح الدنيا فلا يميز بينها غير هيكل الزوجة والأبناء... يقول خانت، فترد ويحك ألازلت تعتقد أن من حقك استعمال لسان ابن منظور...

اينك أيها الناتو؟

أيا اله الدم الرقراق

يا من لك القوة والجبروت،

يا من وعدتني والعبد الجليل

بجنات تجري من تحتها أنهار من الدماء

فوفيت معه وأخلفت معي...

عبدتك وأخلصت لك العبادة،

ركعت وسجدت،

وأقمت الليالي الطوال،

سعيت بين الفيصل والحمدين،

وصليت في محراب عائضك وقرضاويك وعرعورك،

هم من أقرأني آياتك

فآمنت منهم بقولك

"ان ينصركم الناتو فلا غالب لكم"...

أتراه الوضوء ما أحسنته؟

أم تراك لست كربهم

تجيب دعوة الداعي إذا دعاك...

المغرب

CONVERSATION

0 comments: